المجتمع والناسعالم المرأة والجمال

سجون بلا غارمين

الغارمات

كتبت: فرح الشوادفي

لا ريب أن مشكلة الغارمين … في مجتمعنا المصري ما إن تطرح لتكون موضوعاً للنقاش تستدعي منا التريث فما كان لها أن تمر علينا مرور الكرام
فيومياً يزج بعشراتٍ منهم خلف القضبان بسبب الديون ….

لك أن تتخيل أن عشرات الآلاف منهم رجالاً ونساءً يزجوا سنوياً في السجن
بسبب بعض الجنيهات يفقد عائل أسرتة، بين ليلة وضحاها يسلب الأمان والدفء ،بين طرفة عين وإنتباهتها تحرم أم من حضور عرس إبنتها وبنهاية المطاف يزج بهم في السجون لينالوا لقب الغارمين.

يجب أن نعي أن تلك الظاهرة لم تظهر بين يوم وليلة، بل هي نتاج تفشي ظاهرة الفقر والبطالة في المجتمع، وعدم قدرة الأسر على توفير مصدر دخل يضمن لها الحد الأدنى من حياة المتعفف
الغارمون لم يسرقوا ،لم يخونوا ولم يرتشوا، ولكنه غول العجز والحاجه هو ما دفعهم لذلك الطريق الوعر

وهناك حكايات شتي تدل على تلك المعاناه ، فقد اضطرت” فوزية إبراهيم” والتى إستدانت مبلغ قدره ٥٠٠ جنيه كما أنها أم لأربعة أكبرهم لم يبلغ العشرين بعد ،وبما أنها أصبحت العائل الوحيد لأسرتها بعد مرض زوجها الذي أجبره أن يكون طريح الفراش، وبالرغم من ضآلة المبلغ وقعت على شيكات بمبالغ أكبر لضمان حق الدائن، وفوجئت بأنها لا تستطيع التسديد، فوصلت فوائده، مع التأخر في السداد إلى ألفين جنيه، ولعجزها في الإيفاء بالمطلوب، قاضاها الدائن وتم الحكم عليها بالسجن 7 سنوات.

وتسرد” أمل إبراهيم”
تجربتها قائلة: مع إقتراب موعد الزواج المحدد مع أهل العريس وضيق الوقت إضطررت لشراء ما تبقي من الجهاز بنظام التقسيط حفظاً لماء الوجه ، وعندما فشلت في دفع الأقساط لصاحب المحل وقعت عشرين شيك على بياض قيمة كل شيك ٣٠٠ جنيه، وكانت النتيجة أن حكم علي بالسجن 10 سنوات.

قصة أخري :
محمد علي موظف بإحدي المصالح الحكومية أب لطفل مصاب بمرض التوحد ونظراً لكثرة الجلسات
و إرتفاع مصاريف العلاج لجأ للدين وكانت النهايه الحتمية له هو الأخر السجن.

رغم عدم وجود إحصائيات دقيقة فقد أشارت إحدي الإحصائيات أن نسبة الغارمين تتراوح ما بين
٢٠٪ -٢٥٪ ، إلا أن هناك مؤشرات تدل على أن عشرات الآلاف من النساء عجزن عن سداد ديونهن، لينتهي بهن الأمر في السجون، وعلى الرغم أن الرئيس المصري قد أصدر قراراً سابقاً بتحمل القوات المسلحة المصرية سداد المبالغ المالية المستحقة على 320 غارماً وغارمة من المحبوسين على ذمة قضايا العجز عن سداد الأقساط وإيصالات الأمانة.

وهو الأمر الذي أثار ردود فعل إيجابية في الأوساط الاجتماعية ، ودفع كثيرًا من الجمعيات الخيرية للعمل على حل أزمة الغارمين والغارمات ومنح ذلك بالفعل أعدادا منهم حريتهم من السجون وهناك عدد كبير من الجمعيات الخيرية وتلك المعنية بالشؤون الإنسانية، استطاعت تحرير أعداد كثيرة من الغارمين والغارمات، خاصة الأمهات منهن واللاتي يعتبرن مثالاً حياً للتضحية والكفاح من أجل أسرهن، ولو كان المجتمع منصفًا لقام بتكريمهن بدلا من سجنهن.

إن الغارم أو الغارمة لهما حق على مجتمعهما، وينبغي أن يساعدهما ويمد لهما يد العون وذلك عن طريق جعلهم فئة منتجة يستفيد منها المجتمع .

وقد أمرنا الله تعالى أن نفك كربهم، وجعل سداد دينهم أحد مصارف الزكاة، وجاء نص القرآن الكريم في سورة التوبة: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ}.

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock