فتنة نقابة العلاج الطبيعي.. صراع التخصصات يشتعل في مصر

بقلم/ ايمان السيد
فتنة نقابة العلاج الطبيعي وصراع التخصصات في مصرفي الآونة الأخيرة
شهدت الساحة المهنية في مصر حالة من الجدل والاضطراب، تحديدًا في قطاع العلاج الطبيعي، بعد قرار إلغاء التكليف الإلزامي لخريجي الكليات الطبية، بما في ذلك تخصص العلاج الطبيعي، بدءًا من عام 2025. هذا القرار، الذي أعلنته وزارة الصحة والسكان وأكدته نقابة العلاج الطبيعي.
أثار حالة من الزعر بين أعضاء النقابة وطلاب كليات العلاج الطبيعي، خشية تراجع الإقبال على هذا التخصص في الجامعات الخاصة، وبالتالي تأثيره على فرص العمل وسوق المهنة خلفية قرار إلغاء التكليفوفقًا لبيانات نقابة العلاج الطبيعي، برئاسة الدكتور سامي سعد، قررت وزارة الصحة أن يكون تكليف خريجي الكليات الطبية (علاج طبيعي، طب بشري، أسنان، تمريض، صيدلة) وفقًا لاحتياجات سوق العمل فقط، وليس إلزاميًا لجميع الخريجين، كما كان معمولًا به سابقًا.
هذا القرار، الذي تم التوافق عليه في اجتماع اللجنة العليا للتكليف عام 2022، يهدف إلى ضبط منظومة التعليم الطبي وسد العجز في القطاع الصحي بناءً على الاحتياجات الفعلية. ومع ذلك، أثار هذا القرار مخاوف بين طلاب وخريجي العلاج الطبيعي، الذين يرون فيه تهديدًا لفرص عملهم المستقبلية.تصاعد التوتر والتحريضفي ظل هذه الأجواء المشحونة، بدأت بعض الأصوات داخل نقابة العلاج الطبيعي، وبعض أعضاء هيئة التدريس بكليات العلاج الطبيعي، في توجيه سهام الاتهام والتحريض ضد أخصائيي الإصابات والتأهيل الحركي من خريجي كليات علوم الرياضة (التربية الرياضية سابقًا). هؤلاء الأخصائيون، الذين يحملون شهادات في علوم الصحة والتأهيل، واجهوا حملات تشهير وتشكيك في كفاءتهم العلمية ورسائل الماجستير والدكتوراه التي يقدمونها، خاصة تلك التي تتناول موضوعات التأهيل والإصابات الرياضية الحملات لم تقتصر على النقد الأكاديمي، بل امتدت إلى التنمر والتقليل من شأن طلاب وخريجي علوم الرياضة، من خلال منشورات على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بأعضاء هيئة التدريس ورؤساء أقسام كليات العلاج الطبيعي.
هذه المنشورات شملت هجومًا مباشرًا على المواد العلمية التي تُدرس في كليات علوم الرياضة، واتهامات بأن هؤلاء الخريجين يتجاوزون اختصاصاتهم المهنية، مما أدى إلى تأجيج الفتنة بين الطلبة والخريجين من التخصصين.
دوافع الصراع: الخوف من المنافسةيُعتقد أن هذا التصعيد يعكس حالة من القلق داخل نقابة العلاج الطبيعي من تزايد أعداد خريجي كليات العلاج الطبيعي، التي وصل عددها إلى 74 كلية في مصر، مقارنة بالاحتياجات الفعلية لسوق العمل.
إلغاء التكليف الإلزامي يعني أن الخريجين سيضطرون إلى التنافس في سوق العمل الحر، حيث يجد أخصائيو التأهيل الحركي من كليات علوم الرياضة موطئ قدم متزايد، بفضل دراساتهم في مجالات مثل علوم الصحة الرياضية والتأهيل الحركي.
بدلاً من التركيز على تطوير المهنة وتعزيز الكفاءات، لجأ البعض إلى استراتيجية التشهير والتشكيك في المؤهلات الأكاديمية لخريجي علوم الرياضة، بل وفي قرارات المجلس الأعلى للجامعات والبحث العلمي المتعلقة بتأهيل هؤلاء الخريجين.
هذا السلوك لم يؤدِ فقط إلى تعميق الانقسام بين الطلبة، بل أثار أيضًا تساؤلات حول نزاهة ومهنية بعض أعضاء هيئة التدريس في كليات العلاج الطبيعي.تأثير الفتنة على الطلبة والمهنةهذه الحملات أدت إلى خلق بيئة من التوتر والعداء بين طلاب العلاج الطبيعي وعلوم الرياضة، حيث بات الطلاب في كلا التخصصين يتبادلون الاتهامات والتعليقات السلبية على منصات التواصل الاجتماعي. هذا الصراع لا يخدم مصلحة المهنة، بل يهدد بإضعاف الثقة في التخصصات الطبية والرياضية على حد سواء، ويؤثر سلبًا على جودة الخدمات المقدمة للمرضى والرياضيين.علاوة على ذلك، فإن التشكيك في رسائل الماجستير والدكتوراه في علوم الصحة يعد هجومًا غير مبرر على البحث العلمي، الذي يُفترض أن يكون أساس تطوير أي مهنة. بدلاً من تعزيز التعاون بين التخصصات لتحسين جودة التأهيل والعلاج، تحولت المنافسة إلى صراع شخصي ومهني، يُضر بالجميع.
إن الصراع الحالي بين طلاب وخريجي العلاج الطبيعي وعلوم الرياضة هو نتيجة سوء إدارة الأزمة الناتجة عن إلغاء التكليف، ومحاولات غير مهنية للحفاظ على هيمنة تخصص على حساب آخر. بدلاً من التنمر والتشهير، يجب أن تكون الأولوية لتطوير المهنة والتعاون بين التخصصات لخدمة المجتمع. نقابة العلاج الطبيعي، بوصفها جهة مسؤولة، مدعوة إلى لعب دور إيجابي في تهدئة الأوضاع، وتعزيز الوحدة المهنية، بدلاً من تأجيج الفتنة التي لا تخدم سوى إضعاف الجميع.