الأخبارفن وثقافة

نبض العالم تحاور الفنان حسين نوح

حوار : ايمان الحملى

اسم كبير في عالم الفنون جميعها تقريبا ، فإذا كانت الفنون تشتمل على موسيقى وأدب وفن تشكيلي وتصوير وسينما فإن حسين نوح لم يترك مجالا من هذه المجالات إلا وأنتج فيها انتاجا مؤثرا ؛ فحسين نوح كاتب مسرح من الطراز الأول ، والقارئ لمسرحيته ( هرتلة ) سوف يدرك كم الفكر المسرحي ، وكيف يقدم وجهة نظر عامة في رؤية خاصة وكيف يرسم الشخصيات متجاورة ومتضادة ، وكيف يصور المشاهد مبكية ومضحكة ، وكيف يخترع مسرحا جديدا من أحشاء المسرح القديم وكذا حسين الروائي الذي كتب رواية تعاريج ورواية شبورة وتحت الطبع راوية الحالة مهرجان ، هو ذاته حسين نوح الموسيقي الذي عزف مع كبار المحلنين من محمد عبدالوهاب إلى بليغ حمدي إلى محمد الموجي إلى شقيقه عبقري الموسيقا محمد نوح رحمهم الله جميعا أبناء عصر الذهب الفني .

أما حسين نوح الفنان التشكيلي الذي خصصت له معارض منفردة ومعارض مشتركة فقل عنه أنه فنان تشيكلي من طراز مصري أصيل فنان حقيقي ، ناهيك عن حسين نوح المنتج التلفزيوني والسينمائي .

وعند اللقاء به كنت في أشد الحيرة ، من أين أبدأ ، فبدأت مباشرة البداية التاريخية عن حياة حسين نوح ، فكان سؤالي الأول له :

أهم لوحات حياتك ، كيف كانت بداياتك ؟

أنا ابن القرية المصرية الحقيقية ، فقد ولدت في قرية من قرى محافظة البحيرة تابعة لمركز كوم حمادة ، توفي والدي وأنا في سن التاسعة من عمري وكنت أصغر اخوتي من البنات والأولاد ، ولأنني كنت أصغرهم كان الاهتمام بي زائدا خاصة من أمي التي كانت أكبر مؤثرة في حياتي فهذه السيدة كانت أمية ككل سيدات القرية ولكنها كانت مثقفة وتمتلك الكثير من المعارف والمعلومات المصرية الشعبية خاصة من الأمثال الشعبية والتي استفدت منها في كتاباتي فيما بعد وخاصة الكتابة الروائية والمسرحية.

وقد ذكرت كثيرا من أمثال أمي في رواية تعاريج مثل ( من أكل ابني بلحة نزلت حلاوتها في بقي ) ، ( امشي عدل يحتار عدوك فيك ) وغيرهما من الأمثال الشعبية التي كانت تؤثر في حياتنا وفي مجتمعنا المصري .

وكان المؤثر الثاني في حياتي بعد أمي هو شقيقي الأكبر الحبيب الفنان محمد نوح فكان محمد أخي في مكانة الأب الذي يهتم بي جدا وينصحني دائما ويراقب حركتي كذلك ، لكنه كان يتركني حرا ، وكان الأخ الذي يراعي صغر سني ويوجهني ويشتري لي الكتب فكان الشقيق والصديق والمعلم

اسمح لي أن ننتقل إلى السؤال الثاني :

أنت أبدعت وانتجت في فنون متعددة من مسرح ورواية وفن تشكيلي

وموسيقا وإنتاج سينمائي ، فأي الفنون كان أولاً ؟

أنا عملت بالفنون في سن مبكرة جدا ، وكان وقتها عندي 14 سنة تقريبا فتعلمت عزف الموسيقا ، لأن بيتنا به آلات موسيقية خاصة بأخي الأكبر محمد نوح وكل يوم يدخل بيتنا فنانون معهم جميع أنواع الفنون الكتابية والتمثيلية والموسيقية والتشكيلية وغيرها ، فكانت الموسيقا الأقرب لي والأسهل في التعلم ، حتى حينما حصلت على التوجيهية كنت انتوي أن ادخل معهد الموسيقا أو الكونسرفتوار ، فرأيتني قد تعلمت الموسيقا جيدا فدخلت كلية الفنون الجميلة لأتعلم الرسم والتشكيل والديكور والنحت والزخرفة وغيرها من الفنون .

ثم طرحت عليه السؤال الثالث : نجد في رواياتك انك تتناول المجتمع في ثنائيات متضادة ، فهذه القرية وتلك المدينة وهذه شخصية سوية وتلك شخصية غير سوية ، حدثنا عن رواياتك الثلاثة ( تعاريج وشبورة والحالة مهرجان ) .

فجاءت إجابته كالتالي : _

الرواية ترصد الواقع الاجتماعي ، ولكن المشكلة ليست في الواقع لاجتماعي ، بل المشكلة تكمن كيف أقدم هذا الواقع للجمهور ، وهذه مشكلة كل الفنون عموما وليست مشكلة الفن الروائي فقط ، فالكاتب الذي يريد أن يقدم فكرا للجمهور عليه أن يعرف طبيعة جمهوره ، وماذا يريد أن يبلغهم

والمجتمع الحالي هو مجتمع المنحنيات والتعاريج ولا يعرف الخطوط المستقيمة والخطوط المستقيمة هنا تعني الوضوح في كل شيء ، وضوح الطريق ووضوح الرؤية ووضح الفهم وهذا ماجعلني ارسم شخصية المثقف في الرواية الثانية شبورة بانه يلبس نظارة وبين الوقت والوقت يمسح هذه النظارة لأن الرؤية ليست صحيحة ، وبعدهما جاءت رواية الحالة مهرجان أو زي ماحضرتك بتسميها الحالة حرجة وفعلا الحالة حرجة والاسم مناسب كمان للرواية الجديدة التي تحت الطبع .

ثم التقطت الكلام منه وقاطعته قائلة : من الأكثر تأثيرا على الآخر المجتمع أم الفنان ؟

فرد على الفور : هذا أهم سؤال تفضلت به حتى الآن فالفنان يكتب من المجتمع فيتأثر به ، ولكن الأهم أن يكون مؤثرا فيه ، طبعا أقصد الفنان الحقيقي وليس الفنان الحالي ، الفنان الذي ينتج فنا يؤثر في المجتمع مثل عبدالرحمن الشرقاوي الذي كتب الفتى مهران وكتب رواية الأرض ومثل الكاتب الكبير ثروت أباظة الذي كتب شيء من الخوف ومثل نجيب محفوظ ، كل هؤلاء كانوا يتأثرون بالمجتمع ولكنهم أثروا في المجتمع بدرجة أكبر، وأثروا بفنهم ذاته ، ولذلك نجيب محفوظ كان يقول انا لست مسئولا عن الأفلام المأخوذة عن رواياتي لكنني مسئول عن رواياتي ذاتها لأنه صاحب رؤية خاصة تختلف عن رؤية المخرج ذاته هم كانوا يعرفون أن الفن ليس تسلية ، وهنا قاطعته وقلت له اسمح لي بهذه الملاحظة الاستفهامية .

لماذا لم تنتج هذه الأعمال الروائية والمسرحية وأنت منتج سينمائي .

فأجاب قائلا : أنا هذه الأيام أجلس متفرج فالمناخ لايسمح بالإنتاج لأن الجمهور تغير ونوعية الفنانين تغيرت والسوق لا يناسبني أبدا ، رغم أنني حينما أعرف أن هناك مسرحية جديدة في لندن أسافر لها لكي أشاهدها

وأتابع ماوصل إليه المسرح العالمي ، لأن المسرح المصري الحالي عبارة عن مجموعة من الاسكتشات الضحلة ، وشاب يلبس ثوب فتاة ومجموعة من الفكاهات كلها خارج نطاق المسرح ولا علاقة لها بالمسرح ، ومعروف من جمهورها ، يعني الفن أصبح تجارة وليس فنا مجتمعيا يؤثر في المجتمع

ويؤثر في حياة الناس ويرصد لهم حياتهم بشكل فني .

فقلت له ، وماذا قدم حسين نوح المنتج سابقا ؟

فقال : قدمت أعمالا كثيرة منها حوالي 8 مسرحيات مثل سحلب لحسين فهمي ، وسوق الحلاوة لعبدالمنعم مدبولي ونيللي وكذبة لونها وردي للفنانة ليلى طاهر وعقد الياسمين للفنان صلاح ذو الفقار ، والحياة على طريقة

فلفل للفنان أحمد بدير والفنانة هالة فؤاد وغيرها من المسرحيات ، بالإضافة إلى مسلسل بنت من شبرا قصة فتحي غانم وتمثيل الفنانة ليلى علوي وعزت أبو عوف ومجموعة كبيرة من الفنانين ، وثمن الخوف للفنان نور الشريف والفنانة هالة فاخر ، وعملت أهم برنامج موسيقي كان يعرض على التلفزيون وهو برنامج مزازيك .

وكان سؤالي الأخير لأسطو الفن المصري الحالي الفنان حسين نوح

ماذا تريد من الفنون الآن ؟

ابتسم الفنان الكبير حسين نوح ، وقال لي صدقيني هذا سؤال مهم للغاية واعتبره أهم سؤال في هذا اللقاء ، الفنون هي التي تقود المجتمع والفنون والثقافة هما اللذان يرفعان قيمة الانسان المصري ، و سوف ندفع الثمن باهظا إذا استمر إهمالنا للفنون والثقافة .

قاطعته بسرعة وقلت له قبل الختام لابد أن نستفيد من هذا اللقاء كثيرا وأنا أعلم أن الفن التشكيلي هو حياة الفنان حسين نوح هل ممكن تخبرني عن أهم اللوحات التشكيلية بالنسبة لك وأهمها بالنسبة للناس ومن أهم

الشخصيات التي اقتنت لوحاتك ؟

كل لوحاتي مهمة جدا بالنسبة ليا ، أما الجمهور فلوحة المرأة العراقية الباكية بعد احتلال العراق كانت لوحة مؤثرة جدا ولوحة المرأة المصرية التي تريد أن تمرر الخيط من ثقب الإبرة للتعبير عن مرحلة سيئة في تاريخ مصر ، المرأة عندي تحمل هموم الوطن ولذلك فأنا أعبر بها كثيرا في لوحاتي عن وجهة نظري .

أما لوحاتي فهي موجودة في سفارات كثيرة وفي بيوت كبار الفنانين والمثقفين والسياسيين في مصر كلها .

الوسوم

شاهد أيضاً

إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق
إغلاق

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock